الخلاصة:
ملخّص الدّراسة
تتناول هذه الدراسة موضوعًا شغل حيّزًا واسعًا من الشّعر العربيّ , فالمكانُ هو المسرح الذي تحدث فيه صراعات الإنسان مع الزمان , وقد تكثّف الاهتمام بالمكان عندما أصبح المكان سبب الصراع بين أمتين أو أكثر , حتى تشكلت له أبعاد جديدة عندما انصهر مع الأحداث والأزمنة , وابتعد عن كونه حيّزًا هندسيًّا ليصبح محرّكًا أساسيًّا لتيار الوعي , ومعادلا موضوعيّا للقيم التي يتبنّاها الإنسان , أو للوطن الذي ينتمي إليه .
وعنوان هذه الدّراسة "المكان في شعر هارون هاشم رشيد" , الشاعر الفلسطيني الذي عاش آلام النكبة , والنفي , والتشريد , وكانت نظرته للأماكن نظرة فلسفية نفسية .
وتقع هذه الدراسة في ثلاثة فصول وتوطئة ، تتناول موضوع المكان في شعر هارون هاشم رشيد ، حيث نعرض في الفصل الأول تجليات المكان في شعره ، وما أدته ظاهرة المكان من تجسيد حدث النكبة عنده ذكره للخيمة ، فالشعر ليس مجرد عرض للأحداث ، إنما هو تجسيد للحالة الشعورية ورصد للحالة النفسية المتشكلة لدى الفرد في حله وترحاله ، ونفيه ومواطنته ، وقد أسهم المكان في إصابة المحزّ في شعره ، كي يكون وثيقة نفسية فنية نقلت معاناة اللجوء وعبرت عن مأساة فلسطين وأحلام العودة ، أما الفصل الثاني ، فنعرض فيه الثنائيات التي تمخضت عن تجليات المكان ، وهذه الثنائيات جاءت نتيجة موقف الإنسان من المكان ، إذ أن الشاعر جسد هذا الموقف بحلة لغوية فريدة ، أوحت بمعان لا حصر لها عبر النسق اللغوي والانزياحات والجدليات ، وكان المعادل الموضوعي من أهم التشكيلات الفنية التي أسعفت الذات الشاعرة في الانعتاق من قضبان الواقع الأليم ، والفصل الثالث يرصد أبعاد المكان, أي الأبعاد التي تشكلت منها صورة المكان في أعمال الشاعر ، ودور كل من هذه الأبعاد في عرض ما يرنو إليه الشاعر في تعبيره عن صلته بالمكان ، وبخاصة علاقته بالوطن الذي منحه هويته وعنفوانه، وكانت فيه طفولته وصباه، ومن ثمّ نعرض دور المكان في تشكيل الصورة الشعرية بأنواعها (البصرية، والسمعية، واللمسية)، وما لهذا الدور من أثر في استجابة المتلقي ، وتحريك الحس الفني لديه ، ودعوة إلى لمس جماليات المكان ، وبراعة الشاعر في إبراز هذه الجماليات.