الخلاصة:
واجب العلماء تبصير الناس بحقيقة هذا الدين، وأنه يحقق السعادة لمن فهمه فهماً صحيحاً كما فهمه الصحابة والتزموا به وطبقوه، فكانوا خير أمة أخرجت للناس وكانوا أَمَنَةً عليه. والواجب على العلماء تبصير الناس بأن الدين واقعي صالح للتطبيق، بعيدا عن الإفراط والتفريط؛ لأنهما من أسباب هلاك الأمم.
من هنا تأتي أهمية هذا البحث الذي يسهم في تسليط الضوء على يُسر أحكام الدين ووسطيتها، ورفع الحرج عن المكلفين. وهو مبدأ عظيم في الشريعة شامل لجميع الأحكام الشرعية، لا يختص بباب دون باب، كما سيظهر في البحث. وهو ليس غاية في ذاته، إنما هو وسيلة تعين على تحقيق الهدف الذي من أجله خلق الله الإنسان ألا وهو عبادته وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، من غير أن يلحق المكلف حرج ومشقة.
وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم، وأحاديث نبوية في السنة المطهرة، قررت مبدأ اليسر ورفع الحرج.
واليسر ورفع الحرج راجع إلى الوسطية والاعتدال في الدين الإسلامي الثابتة بقول الله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } . وكلما كان العمل بعيدا عن الإفراط أو التفريط وافق أحكام الشرع التي شرعت لمصالح العباد من جلب منفعة أو تكميلها أو دفع مفسدة أو تقليلها.
أتطلع في هذا البحث إلى تحقيق الأهداف التالية:
1) بيان أن الواجب على علماء الأمة تبصير الناس بحقيقة هذا الدين وأنه دين الوسطية والاعتدال.
2) تأصيل مبدأ اليسر ورفع الحرج في الأحكام الشرعية.
3) بيان أن اليسر ورفع الحرج في الأحكام الشرعية صورة من صور وسطية الإسلام.
4) بيان أن اليسر ورفع الحرج في الأحكام الشرعية لا يختص بباب دون باب، وإنما يتعدى إلى أبواب الفقه كلها.