Abstract:
ملخص الرسالة
سقطت الخلافة الأموية في الأندلس في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي ، فبسقوطها ظهر العديد من الدوَيْلات التي سُميت بدول الطوائف، كان أمراء هذه الدويلات وحُكّامها في صراعٍ دائمٍ فيما بينهم، وكانت سياستهم تقوم على تحقيق مصالحهم الشّخصيّة دون الاهتمام لمصلحة الدولة والشَّعب، ونتيجة لهذه السياسة عانت الأندلس من سوء في الأوضاع السياسية بسبب قيام الحروب بين هؤلاء الأمراء، وأثر سوء الوضع السياسيّ على الوضع الاقتصاديّ، كما أثرت هذه السياسة على سكان الأندلس حيث بدؤوا يتذمرون من ذلك، واستغل ملوك النصارى هذا الوضع وشَنّوا الغاراتِ على العديد من المناطق في الأندلس، وقاموا بمحاولات الاستيلاء على عدة مدنّ أندلسيّة، بَدأ خطر هؤلاء النصارى يتفاقم يوماً بعد يوماً، ونتيجة لذلك أفاق ملوك الطوائف وعلموا مدى خطورة الوضع في الأندلس، فما كان منهم إلا أن اتفقوا فيما بينهم على طلب العون من المرابطين في المغرب بقيادة يوسف بن تاشفين، حيث استجاب هذا القائد لاستغاثات ملوك الطوائف، وعبر مرات عدة إلى الأندلس، وفي كلّ مرة كان يعبر بها إلى الأندلس كان يحقق النصر، فهؤلاء المرابطون جاهدوا بكلّ ما عندهم من قوة من أجل تخليص الأندلس من هيمنة النصارى وسيطرتهم عليهم.
لم يكن جهاد المرابطين في الأندلس ضدّ الممالك النصرانية فقط، بل جاهدوا ضدّ ملوك الطوائف الذين سرعان ما اكتشف قائد المرابطين ابن تاشفين مدى تخاذلهم في الدفاع عن الأندلس واكتشف مدى طمعهم في الحصول على المناصب دون أن ينظروا لمصلحة الشعب ومصلحة الدولة، فقام المرابطون بخلع هؤلاء الأمراء عن مناصبهم، وضمّ الأندلس لحكم المرابطين، وبعد أن تمّ ضمّ الأندلس إليهم، وَجَّهَ المرابطون جهادهم ضدّ الممالك النصرانية، فقد كانت الحرب سجالاً بين المسلمين والنصارى، فانتصروا في بعض الحروب وانهزموا في بعضها الآخر، رغم ما بذله المرابطون في الأندلس ورغم جهادهم العنيف ضد الممالك النصرانية، إلا أنهم فشلوا في بقاء الأندلس تحت سيطرتهم، واستطاع النصارى السيطرة عليها، وانتهى حكم المرابطين بها 539ه /1144م وسبب ذلك قيام ثورات متعددة ضدّهم في معظم مناطق الأندلس، كما أن قوة الأندلس بدأت تضعف بعد وفاة يوسف بن تاشفين 500ه/ 1106م، رغم نهاية حكمهم في الأندلس، إلا أنّ المرابطين سطّروا في تاريخ الأندلس صفحاتٍ مشرقةٍ يضرب بها أروع الأمثلة.