Abstract:
ملخّص
يمثّل البكاء في شعر العبّاس بن الأحنف محورًا مهمًّا في بناء القصيدة الغزليّة العفيفة، لدواع كثيرة أهمّها:إرضاء الذّات، وتمثيل الاجتماع بين الذّات والعين الدّامعة، لذا عبّر عن بكائه بألفاظ وصيغ تدلّ على الاستمرار والتّجدّد والثّبات، وبصور شعريّة دالّة على الالتزام بالأخلاق والقيم الإسلاميّة، حتّى ترك آثاره في المجتمع، فشاع البكاء في شعره شيوعًا لافتًا ومحفّزًا للتّأمل، والدّراسة، والوقوف على بواعثه وأبعاده وصوره المعبّرة عن الانفعال الحادّ، حتّىغدا رمزًا مهمًا في حياته الشّعريّة الّتي أقامها على الكون والفضاء المتخيّل. وهذه هي الطّريقة الوحيدة الّتي وجد فيها الشّاعر من بكائه إبرازًا لعالمه الذّاتيّ.
ومثّلت الدّراسةالموسومةبـ " البكاء في شعر العبّاس بن الأحنف" حضور البكاء ومصاحبة الدّمع له مصاحبة وجدانيّة، واستجابة انفعاليّة للتّوتر والحزن، فله لزوميّة فاعليّة في صوره، هادفة إلى معرفة بواعثه وأسبابه في تلك الفترة من خلال المقطوعات الشّعريّة الّتي احتواها ديوانه مركز الدّراسة،وتداخلت موضوعاتها فالحبّ، والزّمن، والموت، والدّهر، والأنا، والغربة، كلّها تشكّل القاسم المشترك في بكائه، ممّا أدّى إلى تشابه المعاني والصّور والأساليب الفنيّة، لكنّ هذا لا ينفي طول التّأمل، والتّفكير وتناول قضايا فلسفيّة عميقة في أبياته.
وحوت الدّراسة هذه الأفكار في ثلاثة فصول، تناول الأول منها بواعث البكاء الّتي جعلت الشّاعر يعايش حالة تستدعي البكاء، سواء أنتج عن حالة الحزن، أم لأسباب أخرى. وعرض الثّاني أبعاد البكاء بصورها المتنوعة لبيان مدى تأثيرها في بناء النّص، وبحث الثّالث بيان أثر شعر البكاء في خطاب الشّاعر مع دمج واضح بين أنواع الأدب المختلفة،لتكوّن صورة كاملة وواضحة لرؤية الشّاعر.
فظاهرة البكاء لم تكن وقفًا على جيل أو عهد فهي تلازم الإنسان منذ ولادته، وسمة من سمات حياته الطّبيعيّة؛ لذا فإنّ دراسة مثل هذه الظّاهرة عند شاعر عفيف كان له عوامل عدّة أسهمت في إظهار المعاناة والانفصال عن الآخرين، والعيش في عالم المثال والخيال.